Friday, July 30

حذاءُ امرأةٍ مُتْعَبة


سيملأُ الجرائدَ بالأهازيج
 والمُعلّقات
 سيكتبُ عنْ سماحة الرّبِ
 وبساتينه
 ويكتبُ عن الحروب التي خاضها الجنودُ الوطنيونَ
 والخليفةُ
 ضد المذنبينَ والزنادقة
 ويكتبُ عن نهديّ صديقته
 العارمين
 اللذين يُشبهان غرفتين منَ السُكَّر
 وعن عجيزتها التي تشبه قريةً منَ النعناع
 ويكتبُ عنْ وصفةٍ شعبيةٍ جديدةٍ
 لقتل الزواحفَ التي تهاجمُ المحاصيلَ
 وخطةٍ دينيةٍ مؤكـَّدةٍ
 للرجوعِ إلى غرناطةَ منْ أقصر الطُرقِ
 سيكتبُ عن مدنٍ البرتقال الزرقاء
 وعن حقول المشمش وجبالِ الشمس
 وعن وظائفِ الملائكة
 سيكتبُ عن الفروقِ التقليديةِ بين الميثولوجيا
 والروايةِ الحديثـةِ
 بينَ التراجع التكتيكيِّ
 والفتوحات
 لكنّه سيموتُ منَ الحزن
 لأنهُ لا يستطيعُ
 مهما أوتيَ منَ الديانات
 والبلاغة
 كتابةَ قصيدةٍ واحدةٍ
 عنْ طفلٍ يلوّحُ للبحر من بعيد
 أو طفلةٍ تراقبُ قمراً عائداً آخرَ الليلِ
 إلى قبيلته
 أو ستارةٍ مُعذَّبةٍ بينَ حبِّها للعواصف الوسيمةِ
 وولائها للعائلة
 لا يستطيعُ
 مهما أوتيَ منَ الاستعارات
 والبلاغةِ
 كتابةَ قصيدةٍ واحدةٍ
 في وصفِ حذاءِ امرأةٍ مُتْعَبة.

حمدي الجابري
حذاءُ امرأةٍ متعبة

محنة المنحنى


بعد الثلاثين
تؤمن بالقضاء والقدر
تربى كلباً يعرف ما تريده من عينيك
يجرى أمامك فاتحاً ساقيه
بينما تتشاغل عنه بتأمل الناس
يتشمم مؤخرة كلبة قائلا لها: انتظريني عند المنحنى
قافزا بين ساقي امرأة
تاركا لعابه بين وركيها

لن تفعل ما كنت تفعله،
لتصبح محترما تكوي شعرك أو تلصقه بالجيل
تقتنى زوجة فاضلة
وأطفالا تثبت حزام أمانهم في مقعد سيارتك الخلفي
لن تتلفظ بكلمات من نوع السياسة، الحب، الفضيلة
تذكرك الأولى بقتل الأحصنة في سن التقاعد
تنام مع امرأتك وفوطة معلقة في عنقك
كأنك مدعو لتناول الغداء على مائدة رهبان
أما الفضيلة.. فلا داع لتذكير نفسك بعته الطفولة.

بعد الثلاثين
تصبح صندوق نفايات متحرك
تفرغه كل ليلة بحمام دافئ
وابتلاع المهدئات والملينات ومسكنات الألم
تنظر إلى زوجتك قائلا لنفسك عشر مرات: أحبك إلى درجة العبادة
لن تعرف أنك صندوق نفايات
لن تعرف من أين تأتي تلك الريح القذرة
ستصبح أنفا
مجرد أنف كبير.



بعد الثلاثين
تصبحين امرأة أخرى
لديك حوض زهور على نافذتك
تقضين عطلة نهاية الأسبوع في مكان آخر
تقولين لنفسك في المرآة: صباح الخير
تنظرين في عينيك قائلة: أعرف ماذا أريد
تتخلين عن فراغ حميم
لواحد يدفئ ظهرك
ويملأ الغرفة المجاورة بأطفال تعضين مؤخراتهم
هكذا تصبحين امرأة كاملة الحنان
تنظفين البيت بلسانك
تلحسين وجههم الملطخ ببقايا الطعام وابتسامة تسيل من عينيك.

في لحظة ترتفع فيها يدك لالتقاط شعرة زائدة
تلتقين بهما
تحسين بنظرة غير مرحبة: صدفة غير سعيدة
تلتفتين وراءك
تقيسين مساحة الفراغ التي استوطنها غريب
بينما تفرغ المغسلة ماءها
يصفّر إناء الطبخ في أذنك:
هل تسمعين يا أختي؟!
هل تسمعين جيدا ؟!

زهرة يسري
نصف وعي

Thursday, July 29

البيت

حذاؤك في الزاوية
ثوبك فوق الكرسي
و فوق المنضدة دبابيس شَعرك
خاتمك الذهبي
و حقيبتك السوداء
و أنت معي
عارية و خائفة
- ممّ تخافين..؟
من قنبلة تسقط فوق زهرة!
من زهرة تحت عجلات قطار!
عارية و ترتجفين
- ممّ ترتجفين؟
من بركان يتفجر!
من رغبة تئن!
عارية و تلتصقين بي
سأترك النافذة مفتوحة
انظري.. انظري
ها هي السماء الزرقاء
و ها هي قطة بيضاء و رمادية
تتنزه فوق حافة الجدار المقابل للنافذة
و ها نحن
نقتسم رغيف الحب
نأكل من صحن واحد
بملعقة واحدة
و كل ما نملكه و ما لا نملكه
سنقتسمه أيضًا
تمامًا
كرفيقين في رحلة طويلة.

رياض الصالح الحسين
وعل في الغابة 

Sunday, July 18

شارة الأنوثة


اترك الخيط
 دع الطائرة الورقية تطير أبعد من الخيط
 المشدود بينك و بينها.

 في أي مكان
 ستجد لها فتحةً تعبرها
 وهواءً لتتغذى به

 لا تتساوى الأشكال
 عندما يتعلق الأمر بهروب كبير
 بهروبٍ لا رجعة فيه

 الألم وهي في يديك
 تبتعدُ
 كظلٍ موجةٍ هوائية
 ولكنها لا تغيب

  كم تبقى لي لكي أعيشَ بمفردي
 النسبة الغالبة من حياتي كانت مناصفة ً

  كحزٍ يتركه الخيط المشدود
 بعاطفةٍ قاسية
وهو يودعني

الألم،
شارة الأنوثة التي تخيمٌّ على النسبة الغالبة من حياتي
أية نسبة ٍ جديدة يمكن أن تنال منىّ
مثل الخوف من الفقد

دع الطائرة الورقية
تراك من بعيد
تراك و تتجاهلك
ولا تقول لك "صباح الخير".

 علاء خالد
كرسيان متقابلان

Sunday, July 11

جرجس شكري..قصيدتان


فيلم رومانتيكي

أحتاج أن يكون اليوم أنيقا
مزين بالورود الحمراء
و سأطلب من السماء أن تمطر
ستزورني امرأتي
و كضرورة درامية
تضع هي القمر فوق رأسي
و القي بالشمس تحت قدميها
و حتماً ستعم الظلمة
و هنا
سآكل من خبز امرأتي
و أشرب من فمها
و بقبلة واحدة
نبعثر العالم

و بعـــد

نأمر الحرب أن تعود إلي قواعدها مرهقة
حليقة الرأس
و في حين
نشاهد الجنود يوزعون الصواريخ علي الأطفال
للذكرى
امرأتي تبتسم للحرب
تأخذ بيديها
يستقلان طائرة علي شكل عصفور
و يذهبان إلي الحانة
أنا هناك بانتظارهما
أعد الكئوس
و اغني

نسكر و الوقت صباحاً
و في المساء
ترتدي الحرب سترة النادل
و هكذا تقضي أيامها الأخيرة
الأرملة الحزينة
تعد الكئوس
و تزين الحانة بالورود

و يبقي .
أنا و امرأتي نجوب الشوارع
فننتبه فجأة
للظلام يعم الأرض
فتأخذ القمر من فوق رأسي
و تعيده إلي بيته
أرفع الشمس من عند قدميها
إلي فوق
و تحدث الحياة
أسألها :
حين تحدث الحياة
أين نخبئها
فنضحك
و يصفق الجمهور

الذي يمتنع عن مغادرة الصالة
فنهبط أنا و امرأتي من الفيلم
و معنا الأرملة
نعقد مؤتمراً صحفياً
تتعهد فيه الأرملة الحزينة
بارتداء سترة النادل إلى الأبد
و نهبط إلي الشوارع
إذ تحدث الحياة

حيث الأنبياء على هيئة خبازين
يطعمون نبوءاتهم للنار
يصنعون خبزاً
و يوزعونه علي المشاهدين
أما الملائكة فقد هبطوا إلي الحقول
علي هيئة رعاة و فلاحين
و هجم رجال الشرطة علي الشوارع
يكنسون و يغسلون الطرقات
و أيضا يبتسمون للمارة
فتضحك الحرب
تموت من الضحك
و أضحك أنا
تضحك امرأتي
يرقص المشاهدون
و تصادر الرقابة الفيلم .
   
   جرجس شكري
ضرورة الكلب في المسرحية 

Friday, July 9

رجل يحتفظ بالغبار


(إلى بسام حجار)

هذا البيت الصغير غرفتان ومطبخ وحمام
وسرير وأدوات الشاي
وفوارغ زجاجات فودكا وبيرة
ورجل يحتفظ بالغبار فوق الكتب والصور والبلاط
ليقوى على تصديق إشاعة كالتنفس
أو الماء

هذا البيت الصغير
منذ استأجرته قبل خمسة شهور
تعاقب عليه أربع نساء
ورجل لا أعرف إن كان أنا


هذا البيت الصغير
فيه خزانة ثابتة
فيها ثياب اشتراها لي والدي
لأكون أنيقاً رصيناً
كمستقبل رجل يتمناه

هذا البيت الصغير ما ذكرت
وفرشاة أسنان أتناساها أحياناً
كي ننسى احتساب يوم


حسان الزين
علبتي السوداء

Tuesday, July 6

أقوى من أي ماض حزين لأغنية


أفيق من تلك اللحظة
 أضبط نفسي متلبساً بالغناء
 نمدٌ أطراف الصوت الدافئة
 لنلمس مياه النهر القريب من حدقاتنا

  بين النوم و اليقظة
 الغناء حزين
 بلا ماضٍ أو مستقبل
 لا أسترجع أي بدايات مؤثرة

  أي جسدين عاريين
 أقوى من أي ماضٍ حزين لأغنية
 أو لحياةٍ مليئة بالإخفاقات

 ساعتها أود ولو أدخن علبة سجائر كاملة
 حتى تضئ الحجرة بالدخان
 تصعدُ أجسادنا مع الغناء
 تتسلق الحواف المضيئة للشجر،
مآذن الفجر، منبهات البيوت المجاورة
  
الحياة تبدأ
ونحن متضافران بين شغف العتمة والضوء
 لا نهبطُ إلاّ والنهار يعرى تنفسنا البطيء؛
 إيقاع الحياة و الموت

علاء خالد
كرسيان متقابلان

Sunday, July 4

دليلاً على موت أوفيليا


هل سبقنى إلى الحجرة المظلمة
كى يلقنها مراسم إستقبالى؟
تنفتح أبوابها الموصدة باتجاهى
المقاعد..فى وضع الإنتظار
الأصدقاء..قليلون إلى حد التلاشى
بندول الساعة..منذور للرقص الأبدىّ
أنت..فى بعثة لدراسة الأدب الإنجليزى
تخفى انبهارك بجمال الشوارع، و المركبات
و النســــــاء
و كثيراً يحرص شكسبير على إقناعك
بأن
أوفيليا لم تكن مصابة بانفصام الشخصية
و لا بالجنون الشبقى
و أنا..أجزاء جسدى مرتبة وفقاً لتصورى عنها
يختلف اتساع خطوتى باتساع المواقف
أجلت بحث إنهيارى الداخلى حتى حين
نسيت أخبرك أننى
أكره الأطفال الصغار
و كتابة الشعر الكلاسيكى
و الزيارات العائلية
و أنك استطعت توطيد علاقتى مع الفراغ
لأننى دائماً-فى حضورك-أتمنى أن أكون بمفردى
ثمة جعران يبحث عن شريكة حياته
بين أرفف الكتب القديمة
و فأرة مترهلة فى الركن الآخر من الحجرة
ترضع أبناءها الترقب و النزف
تحت أحذية القادمين
و دائماً يستطيع هاملت التعامل مع الأمور بحذر أكثر
لذا لم يستطع منع أوفيليا من ممارسة
طقوس الغرق
"مشهد درامى للغاية"
أن نراها و هى تصارع الأمواج:
فتدير وجهك إلى الوراء فوراً
كتعبير حداثىٍّ
عن الصدمة

دعاء عبدالعزيز
أشياء تحدث يومياً