إلى: يورجن
علَّمَه البحرُ أنَّ عشرين عامًا من السفر
تكفُل بأن تزولَ الحواجز بينَ غريبَيْنِ
فيُسلِّم كلٌّ منهما للآخر أفكارَه
ليخرجا صديقين
رغم أنهما لن يلتقيا من جديد
ويظلُّ كلاهما يحمل للآخر ذكرى قصيدة !!
وهبَه البحر خلاءً واسعًا
من زرقةٍ كانت تكفي نورسةً
لكي تقرر أنْ تُقيمَ على صاري مركبِهِ
تغني له عندما يضربُ المجدافَ بقوةٍ.
وحينما يُغلظُ له كبيرُ البحارةِ الكلامَ
يُلقي همومَهُ في المحيطِ
فتبقى لعينيهِ زُرقةٌ
تكفي لسحر نورسةٍ مُهاجرة !
* * *
إنه البحرُ ـ يا صديقي ـ والسَّفَر..
أعطياني رياحَ الهبوبِ
وموجَ الهدوءِ
وبراحًا
جعلني أمنح بذوري البلادَ البعيدةَ
وبعدَ عشرين عامًا على المقاعدِ المسافرة
اكتشفْتُ أنّ أجملَ مكانٍ كان لي
هوَ مقعدي في الطائرة !
هلْ أنا هنا؟!
أم أنني هناك؟!
وتُصبحُ نقاطُ التقاطعِ
حقيقةً غائمة !
* * *
إنه البحر ـ يا صديقي ـ والسفر
أعطياكَ ضبابًا كان يكفي عيشةً غائمة
مثلما يكفي أن يتوه زورقٌ في المحيطِ
أو تحملَ سيدةٌ أنواءها بين ذراعيكَ
ويهطلُ فوق رأسكَ مطرُها الموسميُّ:
" سننفصلُ غدًا
إن أجمل مقاعدكَ في الطائرة !! "
لتلتقي جارتكَ المقبلة..
تعود بعد عشرين عاما من السفر
وأنت تعرفُ كيفَ تُزيلُ الحواجزَ
بينَ غريبَيْنِ!
وتملك زرقة العين التي تكفي
لسحر نورسةٍ مهاجرة
وأصبحَ شعرُكَ غائمًا كالضباب
الذي يُتوِّهُ زورقًا في المحيط
وتصيرُ نقاط التقاطعِ
حقيقةً قائمة.
محمد سعد شحاته
أيَّـام عـاديَّـة
No comments:
Post a Comment