Tuesday, September 13

قصائد من الشاعر الهندي كومار سينغ كوجرال



صيّادون ومراكب

مراكب الصيد الخشبية
لم تتحرّك منذ شهر
والسبب
 أن حنيناً جارفاً تملّكها
إلى الشجر الأخضر الذي
بهندسةٍ رائعةيقف
على البرّ المقابل للميناء
سألتُ الصيّادين
عمّا إذا كانوا يعرفون السرّ
فأجابوا:
من أين أتيت بهذا
السبب أيها الصيّاد الكبير؟


الكَثرة

مرتاعاً نظرت إلى الرمل
فصار من كثرته
ماءً يرتاع منه الآخرون
يا للكثرة
مسرعةً تكون
مسرعةً تتبدّل
في داخلنا فقط
أيتها الكثرة
هداياكِ ناقصة
من كثرتها.


بيوت

الآن يعود معظم الناس
إلى بيوتهم
أمّا أنا
فأعود إلى قصيدتي
أسكنها من جديد
لكنها تقلقني، تلهبني
تجعلني أتمنّى لو أنني
لم أعد إليها
لكنّها فجأة تشفق عليّ
وتقرّر أن تنصفني؛
إذ تتنفّس من خلالي
وتفرّ صورها من عيوني
على الورق
إذ ذاك اشعر براحة المسكن
وشرفاته المُنسرحة.


ساعة شاحبة

أحتشدُ
في إبتسامتكِ الضيّقة
وأنشر نوافذ
بعيدة التوهّج
تشرّد عشاقك
وأوّلهم أنا المتمايل
يهدّدني أملي وتردّدي
في أن اقول لكِ:
 أحبّك
الشاطيء يختفي
والذكريات باتت سماء مجهولة
والشمس ساعة شاحبة
في رأسي.


بحيرة الشارقة

جميل أن يصنع
الإنسان بحيرة
إنّه يلعب بالبحر
على هواه إذاً
يمسكه على طريقته
ويقول له: نَمْ
مُشعّاً هنا أيضاً أيها البحر
فمساحتك الزائدة هذه
ستمنع غضبك
إذ هالوا عليك الصخور
هناك بقصد إذن
تأكلك يابستهم الإسمنتية
أيها البحر الذي صار
لسان بحيرة صغيرة
في الشارقة
كم أنت جميل الآن
ومباشر
إذ صار بمقدوري
أن أمسكك من نافورتك
العالية
وأقتلعك لاهياً بك
من دون أن تغضب
أو تنتابك وحشة
عالقة.


هذه المدينة

لا أدري لماذا أحببت هذه المدينة؟
لماذا رأيتها على الدوام
 تدخل الرخام الطري لوقتي؟
بين أن أحبّ وأن أحبّ
تقيم الشارقة
ترقص مخبوءة في
الخضرة الأنيقة
يتوسّطها نخلٌ مدروز
بانتقاء هندسي
هو صديق أيضاً
للندم الطالع منه
النخلة ندمٌ فاتن
ندمٌ خصوصي
يواصل ترسّبه فيّ
لكن بفرحٍ إباحي
لا يراه أحد
وربما لأجل ذلك
أحببت هذه المدينة
وقرّرت أن ابقى فيها
دخّاناً خصوصياً
لا يكترث له أحد.


سرٌ أخضر لكنّه أحمر

يجدر بي ألا أستسلم
لهذا الصجيج وأنا فيه
المدينة تثير إشمئزازي
وشفقتي أيضاً
لأن التجمّع البشري هو
تجمّع للرعب
والهرولة القاسية
والنبض ضد الموت
من قفزات الموت نفسها
يجدر بي ألا استسلم
للكثرة
ولا للوحدة أيضاً
فكلاهما يدمّر الروح
والجسد
أنا لا أستأنس
إلا للعمل مع إمرأة
فالمرأة سرٌ اخضر
تتحرّك خلاله أغصان التهوية
التي تقشع كل ضجر
ينتاب الرؤية
والتمارين على الأيام
يتهالك خلالها العمر
المرأة سرٌ أخضر
لكنّه أحمر
يراوغ المراوغة المطلوبة
حيث كل شيء معه
يسبق الحياة إلى الحياة
والمتعة إلى الفناء
المرأة سرٌ أخضر
لكنّه أبيض في جدولة نفسه
كالماء الذي لا يزعج.


ما لا يعرفه الشعراء

امرأة تحلّق
 في عصفورها
لتصادر السماء بالألوان
امرأة تهبط
في حرير سَمَكِها
لتسحب الضوء من بطء الماء
امرأة تجهّز نفسها
في الشجر
لتقاوم شمس نفسها
والعالم
امرأة هي امرأة
لنفسها
وكذلك الشاعر
شرط أن يعرف
كيف يسحب ظلّها
 المترصّد لاكتشافاته
في الوقت المناسب
والوقت المناسب غالباً
ما لا يعرفه الشعراء.


لا ضرورة للإنتحار

لن أنتحر غداً يا أحمد
إذ لا ضرورة من هذا
الانتحار البتّة
فأنا مقيمٌ فيه
وهو مقيمٌ فيّ
إذ ليس أجمل
من إنتحار
أن تبقى حيّاً في هذا العالم
البلاستيكي
عالم الرأس الواحد
الذي من مهمّاته ان ينتشي
بانتصاراتٍ كاذبة
تشبه إنتصارات
من مضى من الطواغيت
مساكين قوم السياسة
هؤلاء
قوم السلطات المٌطلَقة
القوميّات المُطلَقة
والمجد المُطلَق
....................
....................
ولماذا أنتحر أيها الصديق؟
ولماذا تنتحر أنت ايضاً؟
ما أجمله من إنتحار
موصول هذا
نتحرّك ببهاء
 في قياماته الموصولة.

كومار سينغ كوجرال
ترجمة: أحمد فرحات

كومار سينغ كوجرال شاعر هندي أنهي حياته في مدينة الشارقة العام 1997 دون أن يتجاوز الأربعين. أطلق النار على نفسه مرتين: مرّة على الرأس وأخرى على القلب. ترك رسالة بالقرب من جثته يقول فيها: "رحلت لهدف وحيد هو البحث عن مزيد من الصلة بالواقع".

No comments: