بعد الثلاثين
تؤمن بالقضاء والقدر
تربى كلباً يعرف ما تريده من عينيك
يجرى أمامك فاتحاً ساقيه
بينما تتشاغل عنه بتأمل الناس
يتشمم مؤخرة كلبة قائلا لها: انتظريني عند المنحنى
قافزا بين ساقي امرأة
تاركا لعابه بين وركيها
لن تفعل ما كنت تفعله،
لتصبح محترما تكوي شعرك أو تلصقه بالجيل
تقتنى زوجة فاضلة
وأطفالا تثبت حزام أمانهم في مقعد سيارتك الخلفي
لن تتلفظ بكلمات من نوع السياسة، الحب، الفضيلة
تذكرك الأولى بقتل الأحصنة في سن التقاعد
تنام مع امرأتك وفوطة معلقة في عنقك
كأنك مدعو لتناول الغداء على مائدة رهبان
أما الفضيلة.. فلا داع لتذكير نفسك بعته الطفولة.
بعد الثلاثين
تصبح صندوق نفايات متحرك
تفرغه كل ليلة بحمام دافئ
وابتلاع المهدئات والملينات ومسكنات الألم
تنظر إلى زوجتك قائلا لنفسك عشر مرات: أحبك إلى درجة العبادة
لن تعرف أنك صندوق نفايات
لن تعرف من أين تأتي تلك الريح القذرة
ستصبح أنفا
مجرد أنف كبير.
بعد الثلاثين
تصبحين امرأة أخرى
لديك حوض زهور على نافذتك
تقضين عطلة نهاية الأسبوع في مكان آخر
تقولين لنفسك في المرآة: صباح الخير
تنظرين في عينيك قائلة: أعرف ماذا أريد
تتخلين عن فراغ حميم
لواحد يدفئ ظهرك
ويملأ الغرفة المجاورة بأطفال تعضين مؤخراتهم
هكذا تصبحين امرأة كاملة الحنان
تنظفين البيت بلسانك
تلحسين وجههم الملطخ ببقايا الطعام وابتسامة تسيل من عينيك.
في لحظة ترتفع فيها يدك لالتقاط شعرة زائدة
تلتقين بهما
تحسين بنظرة غير مرحبة: صدفة غير سعيدة
تلتفتين وراءك
تقيسين مساحة الفراغ التي استوطنها غريب
بينما تفرغ المغسلة ماءها
يصفّر إناء الطبخ في أذنك:
هل تسمعين يا أختي؟!
هل تسمعين جيدا ؟!
زهرة يسري
نصف وعي