أنت لم تعش هذه الأيام
كان من الشائع
أن تصادف في الطريق ملاكا
يسألك مرتبكا
عن عنوان ما
فتصحبه إليه
آملا أن يعطيك ريشة
تزهو بها أمام الأولاد.
كان من المألوف
أن يتصاعد الصخب هنا
أو هناك
لأن واحدا من الأسلاف الغابرين
يزور ما تبقى من قبيلته الصغيرة
ويتناول معهم العشاء.
نعم
وكان يمكنك أن تنخرط في الحكاية
حتى تبدأ في النهجان
آملا في الخروج من الغابة
قبل أن تصل إليك الجنيّات
فتتوقف الجدّة
وتربت على ظهرك مطمئنة
بينما تتلفت حولك كالعائد من النوم.
إنني أتذكر هذه الأيام
الأيام التي لم تأت أبدا!!
...................................
كنت خائبا
وإلا
فلماذا راهنت على الخاسر طول الوقت
أحببت جمال عبد الناصر
وعبد الحليم حافظ
وليلى مراد
وها أنا يا عزيزتي
أجلس وحيدا في هذا القبو
مع الصور التي تحدق فيّ
الصور التي رفعت أطرافها عن الطلاء
كأنها تهم بمغادرة المكان!
جيفارا
وماو
وسعاد حسني
أتحدث معهم
وأعاتبهم
كما يفعل المؤمن مع الله
عندما يجد الكفار ينتصرون طول الوقت!
ثلاثون عاما وأنا في هذا القبو
تتسع الشروخ من حولي
وهم
يحدقون فيَّ ويبتسمون!
ثلاثون عاما
وأنا أنتظر علامةً واحدة
لأتأكد أن ما يحدث
يحدث بالفعل!
علامةً
غير حضورك هذا الصباح
وجلوسك هكذا على مكتبي
تقلبين في أوراقي وتبكين!
.................................
أرجو ألا تخدعكم ابتسامتي
فأنا أيضا
شرير!
تمنيت أن يموت رؤسائي فجأة
وتختفي النساء كاليود
بمجرد الاحتكاك!
وضعت خططا كثيرة للتخلص من خصومي
وشردت طويلا
لأراهم وهم يتساقطون
أحتفظ في ألبومي بصور عديدة
أقف فيها
والأسرى صفوف تحت قدمي
وفي الزوايا
يعكف أصدقائي على إحصاء كل شيء
الثيران
والأشجار
والخيول
بينما يضع الآخرون على جنب
الفيلات
وحمامات السباحة
وسيارات الـ 4 × 4
تعليماتي واضحة تماما
على كاتبي السجلات
أن يضعوا
الجنرالات وحدهم
والوزراء والمحافظين وحدهم
ويتركوا الكتاب المأجورين لي!
لست آسفا على شيء
فخزائني مملوءةٌ بالجبن والزيتون
وتحت سريري
حشد من الأرامل والمطلقات
وبين يدي
قططي التي انتقيتها بعناية
من الطريق
أما ما يراه الآخرون نعيما
فأنا زاهد فيه تماما
لأنني ببساطة
وخلال تجريدة واحدة
أستطيع أن أغيّر كل شيء
فأحبس الجنرالات في بئر السلم
وأغيّر الحكومة
مع تغيّر الفصول
وأمنح قططي الفرصة
للتشمس على حرف البيسين
أو النوم في مقاعد
البرلمان !
إنني شرير بطبعي
ولذا
أجهزة لضربتي القادمة
بينما أضع ابتسامة ملاك
على سبيل التمويه!
.......................
"قابلت غجرا سعداء"
المرأة تستحم في برميل
والرجل يقلم أظافره بمطواه
لم تحتمل المرأة
التي جلستْ بجواري
أن يلمس كوعي صدرها عرضا
حدجتني في الظلام الشفيف
و
توالت الأحداث
لكنها
عندما مزّق المتوحش سوتيان البنت
ودفن لحيته الكثة
بين ثدييها
وضعت يدها عليّ!
فمددت يدي إليها
كانت مبتلة ودافئة
نظرت لها فأشاحت
وقبل أن ينتهي الفيلم
اختفت
بين الذين يخرجون في الظلام!!
...............................
منذ هربت مع آخر
وهو يجلس أمام بيته
يتفرس بعينين كليلتين
في وجوه الأغراب
كان يستطيع
في يوم السوق
أن يلتقط واحدا من هؤلاء
ليكون ضيفه
شريطة أن يحدثه
عن الهوى
والهجر
فإذا تهدج الضيف
وتغيّرت الفصول في الغرفة
رقّ له
وكافأه بحكايته الغريبة
ثم اصطحبه
دامع العينين
إلى أول الطريق!
فريد أبو سعدة
جليس لمحتضر